--------------------------------------------------------------------------------
الذكرى السادسة لعملية القدس .. روعة التخطيط ودقة التنفيذ
2009-08-19
القسام ـ خاص :
مازالت رائحة المسك تنبع من جثمانه الطاهر الذي تحول لفتات وحمم لهب قسامية حرقت من اغتصبوا الأرض والعرض وقتلوا الطفل والشيخ واغتالوا القادة والمقاومين ، فذلك الشاب الملتحي ويلبس زي المغتصبين المتطرفين الأسود لم يمض على صعدوه لحافلة المغتصبين سوى دقائق حتى تحول الباص إلى حريق ضخم بعد صوت هز القدس وما حولها .
لكنها ليست بعدية فهذه علامات وبصمات مهندسي القسام ، وذلك الشاب الملتحي هو القسامي الاستشهادي الشيخ رائد مسك (29 عاما) من خليل الرحمن واختار ان يكون بطل الثأر المقدس للشهيد القسامي القائد عبد الله القواسمة ، فكل حواجز الاحتلال الصهيوني وعملائه المنتشرين في كل مكان لم تمنع شابا قساميا فذا أحب الشهادة فسعى إليها.
ذكراه ما زالت حاضره
وبعد مرور ستة أعوام على ذكرى العملية الاستشهادية البطولية في غربي القدس بشارع "حاييم بارليف" في البؤرة الاغتاصبية شموئيل هنفيه القريبة من حي مائه شعاريم المقابل لحي المصرارة ، مازالت حاضرة في ذاكرة من لا تضيع من ذاكرتهم ضربات القسام الموجعة برجال أشداء على عدوهم .
فأبو المؤمن اختار الساعة التاسعة من مساء يوم الثلاثاء 17 جمادى الثاني 1424هـ الموافق 19-8-2003م ، ليصعد إلى حافلة صهيونية مزدوجة كانت مكتظة بالمغتصبين والصهاينة وفجر نفسه داخل الحافلة ليوقع 21 قتيلا صهيونياً ويجرح 136 آخرين جراح 12 منهم خطيرة وما هي إلا سويعات لتعلن أسود العز القسامية عن بطلها الذي زفته إلى الحور العين بعد أن خاص قبل ذلك رحلة دعوية طويلة حافظا لكتاب الله ومعلما للأجيال الإيمانية المقبلة وهو الشيخ رائد عبد الحميد مسك .
ميلاد الاستشهادي
والشهيد القسامي أمضى عمره الذي بدأه حين ولد في مدينة الخليل بتاريخ 24\1\1974م ، وهو من سكان حي أبو اكتيلة في الجزء الغربي لمدينة الخليل ويعمل مدرسا في مدرسة رابطة الجامعيين في المدينة ، وله من الأبناء مؤمن (3.5) سنة وسما (22) شهرا وزوجته حامل في الشهر الخامس .
تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة الجزائر أما المرحلتان الإعدادية والثانوية فقد تلقاهما في المدرسة الشرعية للبنيين حيث التحق ليكمل الدراسة بكلية المجتمع في الأردن وأكمل السنة الثانية ولم يستطع إكمال دراسته لظروف قاهرة وعاد إلى جامعة الخليل حيث التحق بكلية الشريعة وحصل على شهادة البكالوريوس ، انتسب لجامعة النجاح الوطنية من أجل الحصول على شهادة الماجستير التي خصص رسالتها عن مخطوطة (بيان جهد المقل في التفسير والقراءات) .
واعتقل الشهيد لدى الاحتلال الصهيوني في عام 89 وكان عمره 15 عاما ومكث في السجن مدة عام وتوفيت والدته وهو في السجن حيث تألم لموتها بصوره لا توصف وكان طوال 14 عاما يبكي لوفاتها. وكلما استحضر سيرتها يبكي بحرارة .
ولكن هذا الشيخ الذي بدا لا علاقة له بالعمل العسكري كان أحد الذين كانوا يوفرون الطعام و المكان والعتاد للمجاهدين القساميين الأبطال الشهداء أحمد بدر وعز الدين مسك وباسل القواسمي ، كما قال ذلك في وصيته المطولة التي وزعت بعد استشهاده بفترة وجيزة وكانت نورا لطريق من سلكوا دربه بعد استشهاده .
وصيته تحولت لدليل الاستشهاديين
أما وصيته التي تحولت لدليل الاستشهاديين ووزعت في كل فلسطين المحتلة كانت نموذجا لشيخ داعية ومقاتل قسامي من الطراز الأول ، وفي هذه الذكرى نقطف منها بعض ما تركه الشهيد ليخلد في ذاكرة فلسطين بصمة قسامية مميزة حينما قال مخاطبا زوجته " أيتها الزوجة الغالية الصابرة المحتسبة ، و الله لا أدري ماذا أقول و بأي حديث أتحدث ؟ فقد عشت معك أجمل أيام حياتي , أنا أعلم أنك ستعاني و تتعبي من بعدي , حيث تربية الأطفال … و التعب … و النصب … و فقد الزوج … و هدم البيت … و ها أنا أرحل عنك إلى حياة أخرى … و إنني هناك بانتظارك … و عذري أنني تركت ورائي امرأة ، هي أنت ، تعدل أكثر من مائة ألف رجل .. أنت نعم الزوج الحنون … كنت سيدة سيدات الدنيا و إن شاء الله ستكونين سيدة حواريات الجنة " .
ومن وصيته أيضا إلى شباب المساجد :" لقد عرفت فيكم رجالاً أبطالاً … و لكن قدر الرجال أن يعيش أكثركم في السجون … لقد حفظنا أنا و الشهداء طارق دوفش و رفعت الجعبة و عماد الرزام ، لقد حفظنا القرآن معاً و سوياً ، و اعتقل أكثر الشباب … نسأل الله أن يطلق سراحهم … أوصيكم على الوحدة فيما بينكم و على حفظ كتاب الله أما مكتبتي الغالية الحبيبة إلى نفسي ، الكتب و الأشرطة فلزوجتي الحبيبة أن تختار منها ما تشاء ، و أوصي بالمكتبة من الكتب و الأشرطة لمكتبة مسجد الأنصار " .
وإن كانت حياة شهيدنا القسامي انتهت قبل سنوات لكن سيرته العطرة مازالت تفوح في سماء خليل الرحمن ، ولعله كان يدري بأن يوما كهذا قد أتى فكتب وصيته التي حان وقتها وقال :" أحبتي … أعزائي … أبنائي … أنا أعلم أنكم قد نسيتم صورتي … و كثيراً ما تحاولون أن تتكلّفوا بعرض صورة في بالكم … و لكن ماذا عساي أن أفعل ؟؟؟ ، إنني أخاطبكم و أنتم أبناء عشر – أملاً أن تكونوا جميعاً من حفظة كتاب الله – أخاطبكم لأنني أعلم أن عقولكم كبيرة … و فهمكم أكثر من أبناء سنكم … فقد تعانون من فقد الأب , و قد تحرمون من أمور كثيرة ، لكن سنلتقي يوماً عند خالقنا و سيعطينا ما نشاء – و الله إنني هنا – في الجنان – إن شاء الله – لأنعم بنعيم لا يعلم مداه إلاّ الله و أتمنى من الله أن أعود إلى الدنيا لأقتل في سبيل الله مرات و مرات " .
وإليكم وصيته التي أوصى بقراءتها بعد استشهاده بسنوات :
رسالة لأولادي و للأهل تقرأ بعد عشر سنوات أو متى تشاءون
الحمد لله الذي قبضني إليه شهيداً … و أكرمني بأن أعيش بين محمد صلى الله عليه و سلم و أصحابه سعيداً … و الصلاة والسلام على من قبض على قول أكثر أهل العلم – شهيداً – و من صدق فيه قول الله (و جئنا بك على هؤلاء شهيداً) ، و على من تبعه إلى يوم الدين دائماً أبداً … و بعد ؛
أبنائي الأعزاء , ها أنتم قد كبرتم و قد بدت عليكم سمات الرجولة و العزة .. ها أنتم تقرّون عين أمكم عندما تنظر إليكم لقد ذهبت عنكم … و ما تركتكم وحدكم … فكل المجاهدين معكم … و الله سبحانه يحفظكم و يرعاكم … و يسدّد على الطريق خطاكم و ذهابكم و إيابكم .
أحبتي … أعزائي … أبنائي … أنا أعلم أنكم قد نسيتم صورتي … و كثيراً ما تحاولون أن تتكلّفوا بعرض صورة في بالكم … و لكن ماذا عساي أن أفعل ؟؟؟ ، إنني أخاطبكم و أنتم أبناء عشر – أملاً أن تكونوا جميعاً من حفظة كتاب الله – أخاطبكم لأنني أعلم أن عقولكم كبيرة … و فهمكم أكثر من أبناء سنكم … فقد تعانون من فقد الأب , و قد تحرمون من أمور كثيرة ، لكن سنلتقي يوماً عند خالقنا و سيعطينا ما نشاء – و الله إنني هنا – في الجنان – إن شاء الله – لأنعم بنعيم لا يعلم مداه إلاّ الله و أتمنى من الله أن أعود إلى الدنيا لأقتل في سبيل الله مرات و مرات …
ماذا عساي أن أقول لكم ؟ و أنتم تقرؤون قول الله (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما أتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ، ألاّ خوف عليهم و لا هم يحزنون) ، إنني أود أن أرجع إلى الدنيا لأربّيكم تربية المجاهدين – لا أريد لكم حياة الترف و البذخ – إنني أريد منكم أن تكونوا رجالاً أبطالا – و أمكم قد أكرمتني في عيشتي معها أحلى إكرام – و غيرت حياتي حتى غدوت أحس معها بطعم الحياة ، فإنني إن شاء الله أعلم إن تربيتها خيراً من تربيتي ... ستفتقدونني نعم .. و لكن الآلاف و الملايين ممن فقدوا آباءهم بحادث سيارة أو بجلطة قلبية أو السرطان أو مشكلة ما أو غير ذلك , و لكن تعدّدت الأسباب و الموت واحد , إنه قد جاء أجلي في اللحظة التي قبضت فيها ، لكن اصطفاني ربي – و لله الحمد و المنة – من بين الخلائق لألقاه شهيداً .. إنني أطلب منكم طاعة أمكم و احترام أعمامكم و أخوالكم و عماتكم و خالاتكم , كونوا على حسن ثقتي بكم و لتقرّ عين من يراكم , لعل دعوة تصلني و أنا هناك مع الأحبة محمداً و صحبه – أريد منكم أن تكونوا علماء تعرفوا مقدار الوقت فلا تضيعوه سدىً . كنت أود أن أوصي بمكتبتي و الأشرطة لكم – و لكنكم كنتم صغاراً – حين كتابة هذه الرسالة – و مكتبة الأنصار و غيرها تستطيعوا أن تأخذوا منها ما تشاءون ، إنني لأطمع في المزيد بأن يزداد أجري ، و أنال أعلى منازل الفردوس ، و يصدق في حديث الرسول صلى الله عليه و سلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث – صدقة جارية … أو علم ينتفع به … أو ولد صالح يدعو له) إنني قد ألّفت كتاباً أسميته (الإصلاح ممن و الدعوة لمن) و قد أهديته لكم – فكونوا على حسن ظني بكم … و الله لن يضيع أجر من أحسن عملاً
أبوكم الشهيد الحي إن شاء الله
رائد عبد الحي مسك "أبو مؤمن"
___________________________________
فيديو وانشودة للشهيد البطل رائد مسك بمناسبة ذكرى استشهادة السادسة فيه مقاطع لم تعرض من قبل للشهيد البطل
https://www.youtube.com/watch?v=uGGosFbI58c